“فرعون.. وما أكثر الفراعنة فينا”
مقال لـ / أشرف قطمير
الجمعة 4 يوليو 2025
فرعون كان واحدًا… واليمن اليوم فيها ألف فرعون.
فرعونُ موسى كان يقتل الذكور خوفًا من نبوءة، أما فراعنتنا فيقتلون الذكور والإناث والأحلام معًا، لا خوفًا من نبوءة، بل خدمةً لمصالح لا يعلمها إلا الله وأسيادهم.
كان فرعون يرفع صوته في القصور، بينما العذاب يتوزع في الأزقة، واليوم في اليمن يتكلم فرعون من كل منصة، يدعي الحكمة، ويوزع الفقر بنشرات رسمية، ويتغنى بالأمن في وطنٍ تُسرق فيه الأحذية من تحت أقدام المارة.
فرعونُ مصر سخر السحرة، وهؤلاء سخروا الإعلام…
جعلوه يقول إن الحياة بخير، وإن الرواتب في الطريق، وإن الكهرباء ستعود، وإن الحرب في نهايتها، كأن الكذب صار عقيدة لا يجوز الشك فيها.
فرعون كان يُرهب شعبًا واحدًا، أما فراعنة اليوم، فيرهبون الجميع: الشمال والجنوب، الشرق والغرب، الطفل والشيخ، الجندي والمدني، حتى التراب صار خائفًا من خطاهم.
فرعون كان له هامان وجنوده، وهؤلاء لهم عشرات الهُيامين، وكتائب من المصفقين، يسجدون تحت موائدهم، ويأكلون الفتات، ثم يصرخون في وجوه الجياع: “اصبروا، النصر قريب!”
لكن لا نصر، ولا قُرب، ولا حتى وطن يشبه الوطن.
فرعون لم يكن يرى في الناس سوى أرقامًا تتحرك تحت قدميه، وهكذا هم اليوم…
يرونك مواطنًا إن صمت، وإرهابيًا إن تكلمت، وخائنًا إن طلبت حقك، وجبانًا إن بكيت.
فرعون كان يقول: “ما أريكم إلا ما أرى”، وهؤلاء يقولون: “ما نسرقه إلا لمصلحتكم”، كأننا قطع غيار في دولتهم المهترئة، لا بشر نعيش ونحلم ونموت ألف مرة في اليوم.
فرعون غرق في البحر…
وهؤلاء لم يغرقوا بعد، لأن البحر نفسه هرب من بشاعتهم.
لكن الشعوب لا تموت… وإن ذبحت.
وفرعون وإن طال جبروته، فموسى قادم.
سيشق البحر من جديد، ويعبر الفقراء إلى وطنٍ لا يكون فيه فرعون.






