اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

انهيار الريال اليمني لحاجز ال 720 !!!من المسؤول؟ وهل من أمل للإنقاذ؟

انهيار الريال اليمني لحاجز ال 720 !!!من المسؤول؟ وهل من أمل للإنقاذ؟

بقلم / م. لطفي بن سعدون الصيعري.
الثلاثاء 1 يوليو 2025م

تتلاحق الانهيارات المتتالية للريال اليمني أمام السعودي وخلال ١٠ سنوات وصل من ٥٠ الى ٧٢٠ ، بزيادة تفوق 1300٪ .وهذا يعني أن المواطن فقد أكثر من 90٪ من القوة الشرائية لمرتبه ومدخراته. ولازال مرشحا للتصاعد ، ومعها تنهار كل مقومات الحياة ، ويعم الجوع والغلاء وتفشي الرذيلة وسوء الاخلاق والانحلال الديني وكل ماهو مشرق في هذه الحياة ، ليصبح الموت بكل احزانه حاضرا في بيوتنا ، بدلا من عبير الحياة .
وإن هذا الانهيار لم يكن مجرد رقم في سوق الصرف، بل ترجم إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية مثل الغذاء والمشتقات النفطية والمواصلات والإيجارات، بينما انكمشت القوة الشرائية لرواتب الموظفين إلى درجة لم تعد تكفي لشراء أبسط الاحتياجات ككيس الأرز. و إن فهم أسباب هذا الهاوية ومن يقف وراءها، وكيفية إيقاف هذا النزيف، هو أمر حيوي لمعالجة هذه الكارثة الإنسانية والاقتصادية.
وهذا لا يعني إن تهاوي العملة اليمنية هو قدرًا محتومًا، بل نتيجة مباشرة لفساد السلطة و النخب السياسية، وغياب الرؤية الاقتصادية، واستمرار السيطرة الخارجية على القرار المالي.
وإن الحل يبدأ بإرادة داخلية صادقة تتبناها نخب نزيهة، وشعب واعٍ منظم، وليس بانتظار المنح والهبات من الخارج.
فإما أن ننتفض لإعادة كرامتنا الاقتصادية… أو نستسلم لموت بطيء تحت رحمة تجار الحروب.
وبالرغم من اننا لسنا متخصصين في فقه الشؤون المالية والإقتصادية ، لكن اسباب الانهيار اصبحت من البديهيات ، التي لاتحتاج لمتخصصين لكشفها ، وهنا سنتتطرق الى هذه البديهيات على النحو التالي :

اولا : الأسباب الرئيسية وراء الانهيار :
يعود الانهيار المريع في قيمة الريال اليمني إلى مجموعة معقدة ومتشابكة من العوامل، يمكن تلخيصها في الآتي :

1. تفكك الدولة وانهيار المؤسسات :


فمنذ انقلاب الحوثي عام 2014 والانقسام السياسي والعسكري الحاصل، أصبحت اليمن دولتين اقتصادياً:
المناطق الخاضعة للحوثيين يديرها “البنك المركزي بصنعاء”.
المناطق المحررة تتبع “البنك المركزي بعدن”.
هذا الانقسام أدى إلى:
تضارب السياسات النقدية.
تعدد أسعار الصرف.
فوضى مالية وضريبية.

2. يلعب الفساد المالي المهول ،  المستشري في جميع مستويات الدولة وتفرعاتها المركزية والمحلية ، إلى جانب سوء الإدارة للموارد المتاحة، دورًا كبيرًا في تفاقم الأزمة الاقتصادية. وذلك من خلال :


●طباعة تريليونات من العملة دون غطاء (خاصة بعد 2017).
●الاستيلاء على عائدات النفط والضرائب وتحويلها لحسابات خاصة.
● نهب و اختفاء عشرات المليارات من القروض والمنح الخارجية.
●تقاسم المناصب والإيرادات بين جماعات مسلحة وجهات نافذة.
●صرف المرتبات بالعملة الصعبة بملايين الدولارات شهريا ،  للالاف من قيادات الدولة داخل الوطن وخارجه هم وحاشياتهم ، الذين تم توظيفهم رسميا فقط لانهم من اقارب واصدقاء القيادات  ودون ممارسة اية مهام .
●الحصار والقيود على الاستيراد ونقل البصائع داخليا : أدت القيود المفروضة على حركة البضائع والواردات، سواء بسبب الحصار أو بسبب العقبات البيروقراطية ونقاط الجبابات ، إلى نقص في السلع الأساسية وارتفاع أسعارها، مما زاد من الضغط على قيمة الريال .

3. تحكم التحالف في القرار المالي :


●نقل البنك المركزي إلى عدن تم بقرار سياسي خارجي دون خطط بديلة.
●الوديعة السعودية (2018)  ومابعدها ،  صرفت دون رقابة، ولم توجه لتنمية أو ضبط السوق.
●القرار الاقتصادي السيادي مرهون بالإرادة السياسية والعسكرية للدول الراعية.

4. غياب الإنتاج المحلي والاعتماد على الاستيراد :


اليمن تستورد أكثر من 90٪ من غذائها.
ومع كل تدهور في العملة، ترتفع الأسعار فورًا.

5. انكماش دخل الدولة وتوقف تصدير النفط :


توقف تصدير النفط في حضرموت وشبوة منذ أواخر 2022 بعد استهداف المنشآت من قبل الحوثيين.
ومعه فقدت الدولة أكثر من 70٪ من مواردها.

ثانيا: من المسؤول؟

1. الطبقة السياسية الحاكمة (في الرئاسة و الحكومة والمجالس الموازية ، النواب والشورى والجيش والأمن والقضاء والسلطات المحلية) . وغالبيتهم يعيشون في الخارج، وتتقاضى بالعملة الصعبة. و لا تعيش معاناة المواطن، ولا يهمها انهيار الريال.

2. التحالف العربي والرباعية الدولية :


●رغم مساعداتهم ، لم يتم تمكين اليمنيين من إدارة اقتصادهم.
●استخدم الاقتصاد أداة ضغط سياسي وليس وسيلة استقرار.
● كل فساد السلطات المركزية والمحلية ومعاناة الشعب تجري تحت نظرهم ولم يقوموا بمحاسبة اي مسؤول منهم ، بل واحبانا هم من يشجعوا على تعيبن الفسدة منهم وابقائهم في مواقعهم .

3. الجهات المحلية المسيطرة على الإيرادات (في مارب وحضرموت، وعدن، وشبوة ، وتعز ، والمخا ..):


●لم تضع خططًا تنموية أو برامج حماية للمواطن.
●اختزلت الحكم في الجباية والمحسوبية.

ثالثا : هل يمكن وقف الانهيار؟
نعم، لكن الأمر يتطلب ، حلول ومعالجات علمية وعملية على المدى القصير والطويل تتمثلةفي :

1. إيقاف طباعة العملة فورًا دون غطاء.

2. إعادة تصدير النفط وتوجيه عائداته للبنك المركزي.

3. استلام المنح والودائع من التحالف بضمانات رقابية صارمة.

4. توحيد السوق المصرفية ومراقبة الصرافين.

5. تفعيل أجهزة مكافحة الفساد ومحاسبة كبار الفاسدين.

6. تحديث نظام المرتبات وربطها بسعر الصرف.

7. إصلاح النظام الضريبي والجمركي.

8. تحفيز الإنتاج الزراعي والسمكي المحلي.

9. إنشاء صناديق دعم سلع أساسية للفئات الأشد فقرًا.

10. تحقيق الاستقرار السياسي والانتقالي (عبر الحكم الذاتي/الكونفيدرالية).

11. إعادة هيكلة مؤسسات الدولة المالية والقضائية.

12. التحرر التدريجي من التبعية الاقتصادية للدول المانحة.

رابعا :  هل للشعب دور حاسم؟
بالتأكيد، للشعب دور حاسم في هذه المعادلة، وهو ليس خارجها على الإطلاق. على الرغم من أن القرارات الكبرى تُتخذ من قبل “فسدة الدولة العليا والمحلية والتحالف” ، إلا أن الشعب يمتلك قوة كامنة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على مسار الأحداث ، فهو ليس خارج المعادلة… لكنه مُغيَّب قسرًا. فقد تم سحقه بالجوع، وتفتيته بالحزبية المقيته و بالمناطقية، وتخديره بالشعارات الكاذبة.
لكن في حال تنظيمه (عبر الحكم الذاتي لكل محافظة او منطقة متجانسة وعبر النقابات، والاتحادات، و منظمات المجتمع المدني، واللجان شعبية..) فإنه القوة الوحيدة القادرة على فرض التغيير.
وذلك من خلال :
● الضغط الشعبي والتعبير السلمي: يمكن للشعب ممارسة الضغط السلمي والمستمر على جميع الأطراف المعنية للمطالبة بالسلام وانهاء الحرب ، وإنهاء الانقسام، ومحاربة الفساد. التظاهرات السلمية، الحملات الإعلامية، والمطالبات عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تخلق رأيًا عامًا ضاغطًا.
●المساءلة والمطالبة بالحقوق:
○يجب على الشعب كل في محافظته ،  أن يطالب بالحكم الذاتي ورفض المركزية المقيتة ، و بمساءلة الفاسدين، وأن يرفض أي سياسات تزيد من معاناته. ○الوعي بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية هو الخطوة الأولى نحو المطالبة بها.
●بناء التضامن الاجتماعي: في ظل غياب الدولة، يمكن للمجتمعات المحلية أن تعزز من تضامنها، وتدعم المشاريع الصغيرة، وتتبنى حلولًا مبتكرة للتغلب على التحديات الاقتصادية، مثل المبادرات التعاونية والشركات المساهمة ، في مجلات الطاقة والزراعة والمشتقات والبناء والإسكان و دعم التعليم.
● المقاومة المدنية السلمية: في بعض الأحيان، يمكن للمقاومة المدنية السلمية، مثل العصيان المدني الجزئي أو مقاطعة السلع التي ترتفع أسعارها بشكل غير مبرر، أن تكون أداة ضغط فعالة.
● التعليم والوعي الاقتصادي والاعلام : نشر الوعي الاقتصادي بين أفراد المجتمع حول أسباب الأزمة وكيفية تأثيرها عليهم، من خلال الاعلام وهذا  يمكنهم من اتخاذ قرارات مستنيرة ويجعلهم أكثر قدرة على الدفاع عن مصالحهم وانتزاع حقوقهم.
●مقاطعة الفاسدين والمضاربين بالعملة.
●دعم البدائل المحلية للإنتاج والتبادل.
●فرض الرقابة الشعبية على الإيرادات والإنفاق المحلي.

إن انهيار الريال اليمني ليس مجرد مشكلة اقتصادية، بل هو أزمة إنسانية عميقة تتطلب تضافر جهود الجميع. وبينما تقع المسؤولية الكبرى على عاتق الفاعلين السياسيين والعسكريين، فإن كل افراد الشعب ، الذي يدفع الثمن الأكبر، يمتلك القدرة على أن يكون محركًا للتغيير، من خلال المطالبة بالحكم الذاتي و إيقاف الحروب والعدالة الاقتصادية، ومحاربة الفساد واامفسدبن ، والمشاركة في بناء مستقبل أفضل لمحافظاتهم ولبلادهم بشكل عام .

إغلاق