اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

خلفيات ومآلات الحرب بين إيران وإسرائيل والتهديدات الأمريكية:

خلفيات ومآلات الحرب بين إيران وإسرائيل والتهديدات الأمريكية:

بقلم / م. لطفي بن سعدون الصيعري.
الاربعاء 18 يونيو 2025

لم يعد الصراع الحالي بين إسرائيل وإيران  الذي يدخل يومه السادس ،  مجرد مواجهة عسكرية تقليدية تكتيكية ، بل تحوّل إلى صراع إستراتيجبي ، بابعاد اقلبمية ودولية  متعددة الأطراف ، تشترك فيه الولايات المتحدة، بصورة علنية مباشرة  ، والصين وروسيا وباكستان بصورة خفية ، وهو في حقيقته يروم إعادة رسم خرائط المنطقة وفق رؤية جديدة للشرق الأوسط.
و قد برز هذا التصعيد بقوة ، مع التهديد الامريكي بضرب المواقع النووية الايرانية ، وتحربك اساطيلها وطائراتها الاستراتيجيه والمزودة للوقود ، ويقابله التهديد الإيراني المضاد ، بضرب القواعد الأمريكية في الخليج. و توجيه إنذار مباشر لدبي بطرد الإسرائيليين خلال 48 ساعة. هذه أبرز ملامح التصعيد ، ولكن بالمقابل فهناك تسريبات عن اتفاق ردع سري بين إسرائيل وإيران (بحسب تقارير غير مؤكدة حتى الآن) تتحدث عن تحييد المنشآت النووية عن الصراع ، وهو يعتبر بداية مؤشر للتهدئة.
كل هذه المؤشرات التي يبدو تناقضها ظاهربا ، تستدعي التعمق في خلفيات ومآلات هذا الصراع المتفجر . فالأهداف الاستراتيجية الحقيقية ليست فقط تدمير مشاريع إيران النووية ، بل هناك أهداف أوسع تشمل:

1. إعادة هندسة الشرق الأوسط، كما حصل بعد الحربين العالميتين.

2. إضعاف إيران لتقسيمها لاحقًا على أسس قومية ومذهبية (أكراد، بلوش، عرب، فرس).

3. منح إسرائيل تفوقًا إقليميًا طويل الأمد، دون أن تدخل في حرب مفتوحة شاملة تؤدي لهزيمتها.

4. تأمين منابع الطاقة والتحكم في المضائق البحرية (هرمز، باب المندب).


و لتحقيق ذلك يمكن تصور هذه السيناريوهات المحتملة كما يلي :

1. حرب إقليمية محدودة لكنها مؤلمة ، تتمثل في  ضربات إسرائيلية مدعومة أمريكيًا ضد منشآت في إيران و اليمن ولبنان.


و ردود انتقامية من إيران ضد اسرائيل والقواعد الأمريكية في الإمارات  أو السعودية أو قطر . وانتشار فوضى أمنية ومواجهات مسلحة في العراق واليمن ولبنان.
وتكون النتيجة: تثبيت ردع متبادل، دون انهيار تام لأي طرف.

2. حرب كبرى تقود إلى تفكيك دول :


فإيران مدعومة من حلفائها، ستدخل في مواجهة مفتوحة مع أمريكا وإسرائيل والغرب. وسيتم استغلال الحرب لزعزعة الداخل الإيراني من خلال الأقليات والانقسامات. تمهيدا لتقسيم إيران بعد انهاكها (مشابه للعراق بعد 2003 أو يوغسلافيا سابقًا). والنتيجة: شرق أوسط جديد على أنقاض سايكس بيكو.

3. صفقة كبرى تحت الضغط :


من خلال تنفيذ “اتفاق الردع” المسرب بين إيران وإسرائيل فعليًا.
حيث ستتراجع إيران تكتيكيًا مقابل الإبقاء مؤقتا على منشاتها النووية وترسانتها الصاروخية  وتُبقي ايضا على هامش نفوذها عبر الوكلاء في العراق واليمن ولبنان . و تتوقف الحرب علنًا، لكن سيتم تدشين نظام أمني إقليمي جديد بقيادة أمريكية وإسرائيلية ، وإبقاء هامش نفوذ ايراني في المنطقة .
و النتيجة: لا نصر عسكري حاسم، لكن نصر سياسي لإسرائيل وأمريكا مع أبفاء هامش نفوذ غير مهدد ، لإيران و محور المقاومة.
وواضح إن ما يجري اليوم هو استكمال لمرحلة تاريخية بدأت مع سقوط بغداد 2003، وليس مجرد رد فعل على حرب غزة.
ولكن إيران ستستثمر في فكرة “الردع المتبادل”، لكنها ايصا ستواجه ضغوطًا غير مسبوقة داخليًا وخارجيًا.
أما إسرائيل، فرغم قوتها،  فإنها ايضا تعاني أزمة ردع وأزمة صورة دولية مشوهة بعد حرب غزة ،  وضربات إيران الدقيقة.
وبالنسبة لأمريكا فانها  لا تسعى إلى حرب شاملة ، بل إلى تغيير استراتيجي تدريجي دون تورط مباشر واسع، رغم التهديدات الأخيرة.
وستبين الأيام القادمة المواقف التالية :
● موقف الصين وروسيا، وهل ستشكل مظلة لحماية إيران أم ستتخلّى عنها تكتيكيًا.
● رد إيران على “اتفاق الردع” المسرب، وهل ستقبل أم ترفع السقف.
● استمرار التهديد لدبي، وما إذا كان سيُترجم إلى هجوم فعلي.
● تطورات الساحة العراقية واليمنية، فهما ساحة اختبار حقيقية لمدى قدرة إيران على التأثير بعد الضربات.
وخلاصة القول فإن الصراع الحالي ليس هدفه إن امكن تدمير إيران فحسب، بل إعادة إنتاج منطقة جديدة بالكامل، تخدم مصالح أمريكا وإسرائيل على المدى الطويل. وما يحدث من مواجهات وضربات مجرد فصول تمهيدية في “الحرب الكبرى” على شكل حلقات متتالية، لن تنتهي إلا بتغيّر جوهري في خريطة الشرق الأوسط.. سياسياً، طائفياً، وجغرافياً.
فهل تقبل إيران بهذا السيناريو أم تقرر المواجهة مهما كلف الأمر؟
الأسابيع القادمة كفيلة بتحديد ذلك.

إغلاق