حامض العيد أو ما يُسمى بالعيدية… هل صار عبئًا يُضاف إلى البيت الحضرمي أم فرحة الصغيرين ولو بكلفة باهظة؟
كتب / أ عوض بلعيد لكمان
الاربعاء 4 يونيو 2025
في مواسم الأعياد، تُزهر الوجوه وتُشرق الأرواح، وتعود العادات والذكريات كزخّ المطر في صيفٍ عطش، وتأتي “العيـديـة” أو ما يسميها البعض في حضرموت بـ”حامض العيد” كإحدى تلك العادات التي لا يُخطئها القلب ولا تغيب عن ذاكرة الأجيال… هي قطعة من فرحه العيد، وخيط ناعم من نسيج الترابط بين الأهل والجيران وفيها يذوق الصغار طعم البهجة، ويشعر الكبار بنشوة العطاء.
لكن ما الذي حدث لهذه العادة الجميلة؟ وكيف تحوّلت من بساطة في الفكرة ودفء في المقصد، إلى عبء ثقيل تُعدّ له الأسر عدّتها، وتتوجّس من تبعاته؟
لقد صار الواقع مختلفًا. فالبيت الحضرمي اليوم يئنّ تحت ضغوط متراكمة من متطلبات المعيشة إلى ارتفاع الأسعارثم إلى التزامات العيد التي لا تنتهي وإذا بالعيدية، التي كانت في الماضي رمزًا رمزيًّا للعطاء – بضعة ريالات مثلا قد تُسعد قلب طفل – أو حامض شكليت من النوع القديم أو حتى حامض أبو عسل الخ… تصبح اليوم في بعض البيوت بندًا ماليًّا مستقلاً، قد يرهق رب الأسرة أو يضعه في حرجٍ بين ما يستطيع وما يُتوقع منه.
إنها عادة حسنة بل من أجمل ما توارثته الأجيال لما تحمله من معاني الكرم والفرح والتواصل لكنها مثل كثير من العادات قد تخرج عن مسارها إذا غاب عنها التوازن فحين تتحوّل العيدية من فرحة إلى فريضة مُكلفة ومن عادة إلى مظاهرة للتفاخر فإننا نكون قد خسرنا جوهرها الحقيقي.
لا أحد ينكر فرحة الأطفال بقطعه الحلوى الصغيرة يضمّونها في جيوبهم وكأنهم يملكون بها الدنيا،او حتى بضعة ريالات يشترون بها حلوى العيد أو لعبة جديدة هذا هو الهدف النبيل الذي من أجله بدأت العيدية: أن يفرح الصغير وأن يشعر أنه جزء من هذا العيد له نصيبه منه كما للكبار.
ولكن، أليس من الحكمة أن نعيد النظر؟ أن نزرع في نفوس أبنائنا معنى العيد الحقيقي لا قيمته النقدية المكلفه ؟ أن نُبقي على هذه العادة، لكن بتوازن يليق بها وبالواقع الذي نعيشه؟
إن “حامض العيد” ليس مرًّا كما يشير اسمه إذا كان عباره عن شكليت عادي أو مليم عود أو أبو عسل ولكنه قد يصير مرا على رب الأسرة إذا خصصت له موازنه شهر أو قيمه سله غذائيه متكامله الاركان
لذلك فهو حلاوة العطاء وروح الجماعة، لكن حين يُفرَط فيه يصبح حِملاً بدل أن يكون هدية لذا، لعلّ الحكمة في أن نعيدها إلى أصلها: بساطة في المظهر عُمق في المعنى واعتدال في العطاء.
وهكذا تظل العيدية فرحة للصغار لا عبئًا على الكبار وذكرى جميلة نغرسها في وجدان أولادنا دون أن نفرّط في واقع بيوتنا.






