اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

اليمن بين الانهيار الكامل والوصاية الدولية: هل آن أوان التغيير؟

اليمن بين الانهيار الكامل والوصاية الدولية: هل آن أوان التغيير؟

بقلم / م. لطفي بن سعدون الصيعري.
الاثنين 2 يونيو 2025م .

تعيش بلادنا في الوقت الراهن أحد أكثر فصولها قتامة في التاريخ الحديث، إذ تترنح الدولة على شفا الانهيار التام، وسط تفشي الفساد في كافة مفاصلها، وغياب أي أفق حقيقي للإصلاح أو النهوض، في ظل قيادات أثبتت فشلها وفقدانها للأهلية السياسية والقانونية لقيادة البلاد.
ومع استمرار الهيمنة الخارجية من قبل التحالف العربي والرباعية الدولية،  في المناطق المحررة من الانقلاب الحوثي ،
تحت غطاء “الشرعية” المنبثقة من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، يبرز التساؤل الجوهري: ما هو المدخل القانوني والشرعي لإزاحة هذه القيادات واستعادة القرار الوطني المستقل؟
أولاً: الواقع السياسي والقانوني الراهن :
تُعد المناطق المحررة  حالياً ، دولة منهارة من حيث المؤسسات، وتخضع لسلطة مزدوجة:
سلطة داخلية فاشلة تعيش على الدعم الخارجي.
وسلطة فعلية خارجية تمارس الوصاية باسم “التحالف” و”الشرعية الدولية”.
وتحت مظلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، جرى تجميد السيادة الوطنية اليمنية لصالح التدخل الدولي والإقليمي، مما ألغى فعلياً مبدأ “تقرير المصير”، وجعل من السلطة الوطنية مجرد واجهة سياسية وإدارية.
ثانياً: فقدان الشرعية من منظور القانون الدستوري والشرعية السياسية
من منظور دستوري وسياسي، فإن الشرعية لا تُمنح للأبد، بل تُستمد من إرادة الشعب وأداء السلطة على الأرض.
وحين تفقد القيادة القدرة على تحقيق الحد الأدنى من الأمن، وتوفير الخدمات، والحفاظ على وحدة الدولة، وتقع في وحل الفساد والتبعية، فإنها تفقد شرعيتها الواقعية، حتى وإن احتفظت بشرعية شكلية مدعومة دولياً.
إن الشرعية التي تستمدها السلطة الحالية من الفصل السابع ،  أصبحت في جوهرها أقرب إلى إدارة دولية مؤقتة، تتعارض مع المبادئ الأساسية لسيادة الشعوب، مما يستوجب البحث عن بدائل قانونية قائمة على إرادة داخلية حقيقية.
ثالثاً: الخيارات القانونية لإزاحة القيادة الحالية :
في ظل الانسداد السياسي الكامل، يمكن اقتراح الخيارات التالية كمسارات قانونية وشعبية بديلة:

1. تفعيل المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان


تنص المادة على أن “إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة”.
وبناء على ذلك، يمكن الدفع باتجاه عقد مؤتمر وطني شعبي جامع، يتبنى إعلاناً سياسياً جديداً يسحب الاعتراف الشعبي والقانوني من القيادة الحالية ويفتح الباب لمسار تأسيسي جديد ، بافق كونفيدرالي .

2. الاستناد إلى مبدأ “فشل الدولة” في القانون الدولي


حين تعجز الحكومة عن أداء وظائفها الأساسية، يمكن قانونياً المطالبة بـإعلان فشل الدولة، والضغط باتجاه تشكيل إدارة انتقالية وطنية، تحظى بقبول شعبي واسع، بدعم من المجتمع الدولي.

3. إعادة تعريف الشرعية وفق ميثاق الأمم المتحدة


رغم العمل تحت الفصل السابع، فإن الميثاق لا يُلغي حق الشعوب في تقرير مصيرها، بل يلزم الأطراف الدولية بدعم الحلول السياسية لا تكريس النخب الفاسدة.
وهنا يمكن شن حملة قانونية وإعلامية دولية، تطالب بإعادة النظر في شرعية القيادة وتعديل نمط التدخل الخارجي.
رابعاً: آلية تصحيح العلاقة مع التحالف والرباعية الدولية :

1. بناء شرعية بديلة من الداخل المحرر ، عبر تشكيل هيئة سيادية وطنية انتقالية تضم ممثلين عن كافة القوى السياسية والمجتمعية، في كل محافظة محررة ، وبحسب ثقلها الجغرافي والإقتصادي ، وتبدأ في بلورة رؤية وطنية لإعادة بناء الدولة، بافق كونفيدرالي .

2. الضغط الشعبي والسياسي


من خلال المقاومة السلمية، والاحتجاجات المنظمة، ومخاطبة المنظمات الأممية، بهدف توضيح عدم قدرة التحالف والرباعية في إنقاذ المناطق المحررة ، لا سيما مع استمرارهم في دعم نخب فاسدة، وعجزهم عن تخفيف الكارثة الإنسانية، رغم النصوص الملزمة في القانون الدولي والفصل السابع.

3. الانخراط في تحالفات دولية جديدة :


رغم نجاح التحالف والرباعية في دعم الشرعية وإضعاف التمرد الحوثي-العفاشي في بداية التدخل عام 2014، إلا أنهم فشلوا لاحقاً خلال أكثر من ١٠ سنوات في:
إسقاط التمرد.
حماية مؤسسات الدولة.
وقف التدهور الاقتصادي (انهيار الريال اليمني من 50 إلى أكثر من 650 مقابل الريال السعودي).
توفير الخدمات الأساسية.
لذا، يمكن فتح المجال لتحالفات دولية بديلة، شريطة أن تُبنى على أساس الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية، لا على تبعية جديدة.
خامساً: الخلاصة:
إن استمرار الوضع القائم في المناطق المحررة ، لا يُشكل تهديداً فقط لمستقبل الدولة، بل لكيانها وبقائها ذاته.
فالشرعية الشكلية المدعومة خارجياً لا تبني أوطاناً ولا تحمي مؤسسات.
والطريق إلى التغيير يبدأ بـ:
إعادة تعريف الشرعية.
بناء قوة داخلية موحدة بافق كونفيدرالي ، تستند إلى الإرادة الشعبية.
فرض الإرادة الوطنية على الداخل والخارج.
فالتاريخ لا يرحم، والشعوب لا تموت، واليمن الكونفيدرالي  ما زال قادراً على النهوض إذا توافرت الإرادة والقيادة الصادقة ، في كل المناطق المحررة .

إغلاق