عصر “الموضة”… أم زمن “الفوضى”؟!
بقلم/ أ. علي عباس بن طالب
الجمعة 16 مايو 2025م.
▪️نحن لا نعيش في زمن الموضة، بل في زمن التشويه المقنّن. في زمنٍ سُرقت فيه القيم، وبيع فيه الحياء على أرصفة الأسواق. زمنٌ صار فيه الثوبُ الفاضح يسمى “ستايل”، والعريّ يُروّج على أنه “حرية”، والبرقع… نعم البرقع، الذي كان يومًا رمز الطهر والعفاف، تحوّل إلى مسرحية هزلية تُضحك الأعداء وتبكي العقلاء!
برقع “بابا سامحني”؟! برقع “أبوي مارباني”؟! برقع “مزاجية ورايقة”؟!
أي عارٍ هذا؟! أي ابتذال؟! برقعٌ مكتوبٌ عليه عبارات تُلغي فكرة الحياء من جذورها، وتحوّله إلى كلام شوارع يُغرس فوق أعين الناس، وكأن الأنثى تقول: “انظروا إليّ، أنا لا أمثّل إلا هذه الفوضى التي أرتديها”.
ألم يكن البرقع رمزًا للحياء والعفّة؟ ألم يكن يحكي قصة امرأة معتزة بدينها وهويتها؟ فكيف صار اليوم أداة تسويقية للسطحية والانفلات؟ كيف صار البرقع مطبوعًا بعبارات لا تليق لا بالذوق ولا بالدين، بل لا تليق حتى بمكانة الأنثى الكريمة العفيفة التي نعرفها في بيوتنا ومجتمعاتنا؟!
*أين الأهل؟ أين الوعي؟*
أين تلك الأم التي كانت تنتقي لبنتها لباسها بعين العفة، لا بعين “الترند”؟ وأين تلك البنت التي كانت تفرح بثوبٍ طويل يُشبه هدوءَ طهرها وسموَّ أخلاقها؟ لماذا نسمح لأنفسنا بأن نكون مجرد نسخ مشوهة من عوالم لا تشبهنا، تحت شعارات: “حرية شخصية” أو “كل وحدة تلبس اللي يعجبها”؟!
الحرية الحقيقية ليست في اللباس الفاضح، بل في التحرّر من تبعية عمياء تُرَوّج لأجسادنا على أنها سلع تُعرض، لا أرواح تُكرم.
الموضة ليست أن أُظهر أكثر لأجذب أنظار الناس، بل أن أكون أنيقة باحترام، راقية بذوق، محتشمة باختيار.
*أختاة،* كوني أنيقة… لكن بكرامة.
اختاري ما يُشبه قيمك، لا ما يُشوّهك. البسي ما يعكس جمال داخلك، لا ما يستجدي إعجاب الخارج.
فما بين “موضة” و”فوضى”، خيط دقيق اسمه الوعي.
ومن لا وعي لها، سيقودها السوق حيث يشاء، لا حيث تُريد.
*صرخة في وجه الانحدار:*
ما يحدث ليس موضة، بل مؤامرة ناعمة.
ما يحدث ليس أناقة، بل تفريغ متعمّد للمعاني.
يريدون أن تخلعي عقلك، ثم يُهدوكِ برقعًا مطبوعًا عليه “مزاجية”…
فهل أصبحت المرأة مجرد شعور عابر يكتب على جبينها؟! أين العقل؟ أين الدين؟ أين الكرامة؟!
لا أحد يمانع أن تكوني أنيقة، لكن كل شيء له حدود.
الأناقة لا تعني الابتذال. والتميّز لا يعني التخلّي عن القيم.
الحرية الحقيقية ليست أن تلبسي ما يُرضي السوق، بل أن تختاري ما يُرضي الله، ويُرضي ضميرك.
*رسالتي لكل فتاة:*
اعرفي قدرك، فأنت لستِ إعلانًا متحرّكًا، ولا لوحةً يُكتب عليها ما هبّ ودبّ.
أنتِ أكرم من أن يُختزل وجودك في برقعٍ مكتوب عليه: “بابا سامحني”!
ومن لا تملك حتى حقّ احترام ذاتها… لن تملك أبدًا حقّ فرض احترامها على الناس.






