إن منكم منفرين!!
كتب زكي بن علي صبيح
الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥م
ديننا الحنيف دين عظيم مبني على التحبيب والتقريب واليسر والترغيب في الأصل ، ففي القرآن الكريم أكثر من شاهد يؤكد هذه الحقيقة الأكيدة التي تشير إلى عظم مقاصد الشريعة الغراء في التعايش و التمازج والتعاون .. ومنها قوله جل شأنه *( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )* وقوله تعالى : *( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )*
💬 لماذا يهمك هذا الخبر؟
تكمن أهمية هذه الأخبار في انعكاسها على حياة المستخدم اليومية وفهمه لما يدور حوله.
ولكن مع وضوح هذه الحقيقة في شريعتنا نجد من ينفر عنها من حيث يشعر ومن حيث لا يشعر ..
ومن أعظم ما يدل على أن ديننا الحنيف ينبذ ظاهرة التنفير وبشدة ماورد في صدر الإسلام عن ابن مسعود رضي الله عنه من أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لأ تأخر في صلاة الغداة مخافة فلان يعني إمامهم .. قال : أي ابن مسعود .. فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد غضبا في موعظة منه يومئذ فقال : *أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم ما صلى بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة*
ولعل هذه الحقيقة تتكرر بعدة صور مباشرة وغير مباشرة في واقعنا
فالإمام الذي يطيل الصلاة إطالة مملة منفر للناس عن دينهم
والإمام الذي يتعامل مع المأمومين والناشئة بشدة وغلظه منفر للناس عن دينهم
والداعية الذي يتعصب على آراءه وماتوصل اليه علمه من المفاهيم منفر للناس عن دينهم
والمعلم الذي يتعامل مع طلابه بجلاده وشدة منفر لهم عن دينهم
و الفقيه الذي لا يفقه حال المستفتي فيأبى إلا أن يفتيه بقول هو مقتنع به مع وجود اقوال فيها سعة ومرونه ويسر ربما تتناسب مع حال المستفتي يقع في ذلك المحضور .. وهكذا
احبتي إن حجم التحديات والمخاطر التي تحدق بالشباب والناشئة وتحيط بهم إحاطة المعصم باليد في مرحلتنا تستوجب علينا أن نتسع لهم مادام في ديننا فسحة لذلك .. ولن تكون تلك السعة الا بحجم معرفتنا بهدي نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
ولقد شاهت أكثر من مرة عبر وسائل التواصل الشبكي مقطعا لعله لبعض المغرضين حد ظني وبعدة أشكال وصور وهو يصور هذه الحقيقة المرة التي تبين وتوضح هذه الأساليب المنفرة .. وهذا المقطع يحكي أن خطيبا يذكر قصة تائب من المعاصي علنا من على شرفة المنبر ثم يشير أن هذا الشخص موجود بالجامع وأنه يجلس في الجهة الفلانية ويرتدي الملابس ذات اللون الفلاني .. فيهرب هذا الشخص من المسجد !! ولاشك أن ذلك امر مبالغ فيه نوعا ما .. ولكنه يحكي بأسلوب ساخر ضعف الفقه والحكمة لدى الكثير من منتسبي المساجد والمتحدثين بإسم الدين .. فينفرون الناس عن بيوت الله لينصرفوا إلى الأفكار والرؤى المنحرفة والمناهج الشاذة و الحواضن الفاسدة لتستوعبهم ويجدوها قد فتحت لهم ذراعيها .. فتضمهم إليها بدفئ وحنان .
إن صور التنفير من دين الله حيث توجد سعة وفسحة تنوعت وتكاثرت ولعل من أبرزها إظهار الدين وكأنه سيف بتار لايقبل التنوع والإختلاف ..
فمتى ياترى يفقه من له صلة بهذا الدين الخطر المحدق بالأجيال والشباب والناشئة فيتسعون لهم ويشعروهم بصدق أن دينهم الحنيف أولى بهم .. وأنه دين لم يحسن كثير من منتسبيه تمثيله .. فيوجب ذلك عليهم تقصي حقائقه من أهله المنصفين ..
احبتي لم ارى صورة أبلغ في سعة هذه الشريعة المطهرة من أن يلعب الأحباش بحرابهم في المسجد النبوي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يراهم .. ولما أقبل من يريد أن ينهاهم قال له عليه الصلاة والسلام : *دعهم حتى تعلم يهود أن في ديننا فسحة*
ودمتم .. نبلاء حكماء





