ينشر في النسخة المطبوعة لـ «القدس العربي» اليوم (الثلاثاء) .. «حلف القبائل» يشكل فريقًا لإعداد وثائق بناء الحكم الذاتي لحضرموت… ماذا بعد؟
( #تاربة_اليوم ) / حضرموت / القدس العربي – أحمد الأغبري
13 مايو 2025
في خطوة متقدمة، أعلن رئيس حلف قبائل حضرموت، عمرو بن حبريش، امس الاثنين، تشكيل، ما سماه، فريقا مختصا لإعداد، ما اعتبرها، «كافة الوثائق الأساسية لبناء الحكم الذاتي»، الذي يتطلع الحلف أن تناله حضرموت، المحافظة الأكبر مساحة والأغنى نفطا في اليمن.
وأصدر رئيس الحلف، والذي يشغل أيضًا منصب وكيل أول المحافظة، قرارًا قضت مادته الأولى «بتشكيل فريق مختص لإعداد الوثائق الأساسية لبناء الحكم الذاتي، السياسية منها، والقانونية، والدستورية في حضرموت، من التالية أسمائهم : الدكتور عبدالعزيز صالح سعيد جابر – رئيساً، وعضوية كل من: المحامي أشرف محمد صالح الفضلي، أماني خليل عوض باخريبة، الدكتور ايمن عبدالله سعيد بافضل، الدكتور سعدالدين بن طالب الكثيري، الدكتور صائل حسن سليمان بن رباع، صبري سالمين عمر بن مخاشن، الدكتور عبدالقادر محمد بايزيد، الدكتور عرفات عبدالرحمن المقدي، المستشار القانوني محمد سالم عبدالله بن حمدين، والدكتور مراد محمد سالم باعلوي.
وحسب ما نشره الحلف، فقد حددت المادة الثانية من القرار مهام الفريق واختصاصاته، لكن الحلف لم ينشر نص المهام والاختصاصات.
💬 لماذا يهمك هذا الخبر؟
تكمن أهمية هذه الأخبار في انعكاسها على حياة المستخدم اليومية وفهمه لما يدور حوله.
تأتي هذه الخطوة غداة تأكيد رئيس الحلف أنهم ماضون على مسار تحقيق الحكم الذاتي لحضرموت، باعتباره مسارًا لا رجعة عنه، مهما كلف ذلك من تضحيات، حد تعبيره.
كما أن إعلان تشكيل هذه اللجنة، عقب عقد «لقاء حضرموت»، يؤكد أن الحلف يمشي في خطوات متوالية بشأن تحقيق ما يرنو إليه، منذ الإعلان عن هذا المشروع ممثلًا في الحكم الذاتي لحضرموت، لأول مرة، في 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، معتبرًا حينها أن تحقيق الحكم الذاتي الذي يحفظ لحضرموت الاستقلالية، بات «حاجة ملحة».
ومضى الحلف في خطوات يطمح، من خلالها، إلى تحقيق متطلبات ما يراه حكمًا ذاتيا لحضرموت، فأعلن في 25 ديسمبر/ كانون الأول تشكيل «قوات حماية حضرموت» كقوة مسلحة تابعة له، باعتبار أن امتلاك قوة مسلحة يمثل ضرورة لحماية المشروع، في ظل تراجع قوة الدولة، ووجود ميليشيات يمكنها مواجهة مشروع الحلف، كمليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يمثل مناوئا لمشروع الحلف ، باعتباره يمتلك مشروع آخر، يطمح من خلاله إلى فصل جنوب اليمن عن شماله وانشاء دولة في الجنوب، تضم في جغرافيتها محافظات جنوب وشرق اليمن، بما فيها حضرموت.
ورغبة من الحلف في اظهار أن مشروع الحكم الذاتي هو ترجمة لرغبة شعبية داخل حضرموت، وفي سياق الرد على بعض الأصوات داخل المحافظة وخارجها تقول إن الحلف لا يمثل أبناء حضرموت، وأن مطالبته بالحكم الذاتي لا تمثل مطلبًا حضرميًا لغالبية أبناء حضرموت عقد الحلف في 12 أبريل/ نيسان ما عُرف بـ «لقاء حضرموت»، وانتهى اللقاء إلى تأكيد المطالبة بالحكم الذاتي لحضرموت. وقال بيان اللقاء: «نرفض رفضًا قاطعا العودة تحت هيمنة بقية الأطراف بأي شكل من الأشكال».
وعلى الرغم من ذلك، لا نقرأ في عقد لقاء عام، وتشكيل قوة مسلحة، ومن ثم تشكيل فريق لإعداد الوثائق الأساسية لبناء الحكم الذاتي، أن الحلف ماض في المسار الصحيح، فالحكم الذاتي لابد أن يقر من أعلى هيئة سيادية في الدولة انطلاقا من نص دستوري، ومن ثم تُعد الحكومة بالتعاون مع السلطة المحلية مشروع قانون الحكم الذاتي لحضرموت، ليحال للبرلمان بعد موافقة الحكومة عليه، ومن ثم إقراره بعد موافقة البرلمان عليه، لكن كل هذه الخطوات في الوقت الراهن تتطلب تعديلًا دستوريًا، إذ لا تتوفر مادة في الدستور اليمني النافذة تمنح الحكم الذاتي لمحافظة ما، وبالتالي فالمطلوب هو توفر الأرضية القانونية اللازمة انطلاقًا من الدستور.
تأتي خطوة الحلف هذه بعد يومين من إعلان عضو المجلس الرئاسي فرج البحسني أن المجلس كلفه باحتواء الأزمة في حضرموت، معلنًا عن انشاء صندوق تنمية حضرموت، مما يعني أن الحلف تجاهل خطوة «الرئاسي»، وربما يكون معذورًا في تجاهلها، فالرئاسي سبق وشكل لجنة لحل الأزمة ومن ثم شكل لجنة أخرى، وبناء عليها أعلن خطة لاستيعاب مطالب أبناء حضرموت، وهو ما رحب به الحلف، لكنه «الرئاسي» لم يمض قدمًا في هذا المسار على صعيد اعلان برنامج تنفيذي للخطة كما طالب بذلك الحلف. كما جاء تكليف البحسني بمثابة إلغاء لعمل اللجنة السابقة، وما صدر عنها من خطة أقرها «الرئاسي»، وهو أمر يفهمه الحلف باعتباره تراجعًا، وبالتالي من غير المستغرب أن الحلف قد يفهم ذلك باعتباره التفافًا على حل الأزمة.
في سياق قراءة الحلف لمدى دستورية وقانونية تشكيل فريق لاعداد الوثائق الخاصة لبناء الحكم الذاتي لحضرموت يقول المحامي أشرف محمد الفضلي، عضو اللجنة العليا لإعداد الوثيقة القانونية والدستورية للحكم الذاتي في حضرموت ، رئيس الدائرة القانونية بمؤتمر حضرموت الجامع لـ «القدس العربي»: «في سياق التوجه السياسي الذي تبناه حلف قبائل حضرموت على أساس مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع منذ العام 2017، والتي حظيت بإجماع حضرمي غير مسبوق، يعلن الحلف عن تشكيل اللجنة العليا المختصة بإعداد الوثيقة القانونية والدستورية للحكم الذاتي لحضرموت، في خطوة عملية تهدف إلى تجسيد إرادة الشعب الحضرمي في أن يكون لحضرموت كيان سياسي مستقل ضمن أي تسوية قادمة في البلاد».
وفي رده على السؤال بشأن مدى دستورية الخطوات التي يمضي فيها الحلف في هذا الاتجاه، قال المحامي أشرف الفضلي: «إن المطالبة بالحكم الذاتي تستند إلى أسس قانونية وتاريخية راسخة، منها أن حضرموت كانت كيانًا سياسيًا مستقلًا قبل 1967 في إطار السلطنة القعيطية والسلطنة الكثيرية، ولم تكن جزءًا من اتحاد الجنوب العربي، وقد خضعت تلك السلطنتان لنظام حماية بريطاني دون أن تفقدا هويتهما أو استقلالهما الذاتي، وكان من المفترض أن تنال حضرموت حقها في تقرير المصير، غير أن هذا الحق صودر قسرًا في عام 1967».
وأضاف: «أن هذا الحق لا يسقط بالتقادم، بل يظل قائمًا بموجب ميثاق الأمم المتحدة وقرارات جمعيتها العامة ذات الصلة، لا سيما وأن الإرادة الشعبية الحضرمية اليوم أكثر وعيًا ووضوحًا من أي وقت مضى، مدفوعة بتجارب مريرة مع التبعية السياسية قبل الوحدة اليمنية وبعدها».
واعتبر المحامي الفضلي «أن عدم وجود نص مباشر في الدستور اليمني الحالي لا يلغي المشروعية القانونية والسياسية للمطالبة بالحكم الذاتي، خصوصًا في ظل المسار الوطني العام نحو إعادة صياغة العقد الاجتماعي من خلال دستور جديد مستقبلا «، مشيرا إلى «أن حضرموت ماضية في صياغة وجودها الدستوري المستقل، انطلاقًا من حق تقرير المصير، لتكون نموذجًا ناجحًا وفاعلًا في إطار الحل النهائي في البلاد، وتسهم في فتح أفق جديد نحو البناء والاستقرار والتنمية، بعيدًا عن الصراعات التي لم تكن حضرموت يوماَ من الأيام طرفًا فيها».
فيما أوضح عادل دشيلة، وهو باحث في مركز جامعة كولومبيا العالمي للدراسات الشرق أوسطية: «من الناحية السياسية علينا أن ندرك أن مجلس القيادة الرئاسي شُكل بطريقة غير دستورية إن صح التعبير، وبالتالي كيف لمن شُكل مخالفًا للدستور والقوانين النافذة في البلاد أن يكون حريضًا على احترام سيادة القانون والحفاظ على دستور البلاد، وبالتالي هذه التشكيلات من مجلس القيادة الرئاسي إلى ما تمسى الأحلاف يقف خلفها الإقليم، هو الذي يقف خلف هذه التشكيلات.
وأضاف لـ»القدس العربي»: «من الناحية القانونية والدستورية لا معنى لهذه التشكيلات العسكرية أو السياسية أو سمها ما شئت.»
وأردف: «لكن ما هو الأخطر في الأمر؟ هو أن سيادة الدولة اليمنية لم يتبق منها سوى الرمزية القانونية لهذه الدولة. وبالتالي مثل هذه الأعمال ستهز ما تبقى من رمزية قانونية للدولة.»
وقال: «لا أعتقد أن إعلان الإدارة الذاتية أو تشكيل برنامج الإدارة الذاتية سوف ينجح. وعلينا أن ندرك صعوبة الوضع في البلاد وتعقيدات المشهد المحلي. وإذا كان المجلس الانتقالي بأذرعه المسلحة قد أعلن الإدارة الذاتية من طرف واحد، ثم لم يعترف بذلك الإجراء أي دولة، حتى المستوى المحلي.»
وأضاف: «أي إعلان من قبل الحضارم للإدارة الذاتية يعتبر تخبطًا وتكرارًا لتجربة الانتقالي في عدن. كما أن هذه الأعمال ستعمق من الأزمة الداخلية، وتفكك المجتمع اليمني. وسنرى مجاميع أخرى تنادي أو تطالب بإدارة ذاتية. وبخاصة المناطق الغنية بالنفط. فمثلا غدا قد ربما نشهد أن أصحاب شبوة يريدون إدارة ذاتية، وأصحاب مأرب، وأصحاب الحديدة، وأنت في ظل دولة مفككة، ومن يتحكم بالمشهد هي مجموعات ما دون الدولة بإشراف إقليمي، وهذا سيعقد من صعوبة العودة لطاولة المفاوضات، لإيجاد حل جذري في إطار دولة مركزية تكون هي المنطلق لأي برنامج سياسي مستقبلًا، إما عبر فيدرالية أو عبر الحكم المحلي واسع الصلاحيات، أما هكذا فلا اعتقد أنه يخدم الحضارم أو يخدم اليمن بشكل عام، بل سنكون نسخة من الصومال».





