حضرموت بين ظلم المواطن وتجاوزات العسكر أين الدولة؟
كتب / د. فائز المنصوري
الجمعة 2 مايو 2024
تابع كثير من أبناء حضرموت ما تعرّض له بائع الآيسكريم، واستنكروا الحادثة بشدة، وقد قامت الجهات الأمنية في مدينة المكلا بواجبها تجاه الجاني، وتم التعامل مع الواقعة بما يليق من مسؤولية وعدالة. لكن يبقى السؤال الأهم: من يردع الجيش عندما ينهب القاطرات؟ من يضع له حدًّا حين يتحول من حامٍ للمواطن إلى منتهك لحقوقه، وسالبٍ لأمنه ومعاشه؟ للأسف، وصل الحال ببعض أفراد الجيش إلى ممارسة الانتهاك العلني، والتقطع لقاطرات الشركات، بل والنهب المباشر للمواطنين، وكأن لا قانون يُردع ولا جهة تُحاسب. وإن وقعت جريمة من أحدهم، نادراً ما نرى إجراءً رادعًا أو موقفًا رسميًا يعيد الأمور إلى نصابها. هل بلغ بنا الحال إلى هذا الحدّ المؤلم، حتى أصبح الناس لا يُنكرون المنكر إلا إذا ارتكبه مواطن ضد مواطن مثله، بينما يسكتون عن الجرائم الأكبر إذا جاء الجاني مرتديًا الزي الرسمي وحاملًا سلاح الدولة؟ ثم ماذا عن الوزراء الذين عجزوا عن أداء مهامهم؟ بل إن بعضهم في عهدهم ازداد الوضع تدهورًا وسوءًا. من يُحاسبهم؟ غياب المحاسبة لم يؤدِّ فقط إلى استمرار الفساد، بل ساعد على ترقية الفاسدين من منصب إلى آخر، وكأن الفشل والعبث أصبحا وسيلة للترقي والمكافأة لا للعقاب. أين الضمير اليمني؟ لماذا خفت صوت المطالبين بمحاسبة المجرمين والفاسدين؟ وإذا كنا قد أقررنا في دستورنا مبدأ استقلالية القضاء، فأين دوره في مثل هذه القضايا؟ هل تسرب الفساد أيضًا إلى جسد القضاء، حتى أصبح عاجزًا عن إنصاف المظلوم وردع الظالم؟
إن غياب المحاسبة في مؤسسات الدولة، سواء المدنية أو العسكرية، هو الخطر الأكبر على مستقبل اليمن. فلا يمكن بناء وطن عادل يُحترم فيه الإنسان، ويُصان فيه القانون، وتُحاكم فيه التجاوزات أياً كان مرتكبها أو منصبه، دون قضاء قوي، وإعلام حر، وضمير مجتمعي حيّ لا يخشى في الحق لومة لائم.





