تراثيات : ماذا تعرف عن قصر الرناد
كتب / أ.علي ربيع
الخميس 14 ديسمبر 2023
قصر الرناد ويطلق عليه قصر الشعب ويقال له في العهد القديم المصنعة وهو قصر طيني ضخم يعد من أشهر قصور مدينة تريم بمحافظة حضرموت بالجمهورية اليمنية وأحد أبرز المعالم التاريخية في جنوب شبه الجزيرة العربية
.[1] اشتهر القصر بحجمه الهائل، وهو مكون من ستة طوابق ومن يدخله كأنه رأى المدينة بأكملها، وقد جمع في بنائه بين نمط البناء الحضرمي واليوناني والآسيوي.
[2] يعتبر القصر رمزًا للسلطة والحكم منذ عهود قديمة، ورغم أنه مبني قبل الإسلام، ظل أهل تريم القدماء مستمرين في زخرفته وترميمه طوال القرون الفائتة، وخلال تعاقب الملوك والحكومات والملاك عليه، لكونه مركزًا للحكم المحلي في المدينة باستمرار. أما مؤخرًا وكبقية أغلب القصور التاريخية، قامت وزارة الثقافة اليمنية بترميمه عام 2010 م ليصبح معلمًا ثقافيًا.
يعود بناؤه كما تحكي النقوش إلى السنوات الأولى لتأسيس المدينة إلى ما قبل ميلاد المسيح بعدة قرون. وهذا الحصن أو القصر منذ تأسيسه وحتى اليوم ظل مقرًا للحكام في مختلف الدويلات التي تعاقبت على حكم تريم، وقد جددت عمارته عدة مرات حيث كانت تحرص على ترمميه وإصلاحه وإدخال التحسينات المعاصرة عليه، وأول عملية إعادة بناء وتجديد واسعة لهذا الحصن كانت في العام 600 هـ/ 1203 م على يد السلطان عبد الله بن راشد القحطاني وظل بعد ذلك التاريخ يشهد تحسينًا وتبديلًا متواصلين. ففي عام 1350 هـ/ 1931 م تقريبا أقدم حاكم تريم حينها محمد بن محسن الكثيري على هدم بعض أجزائه المتهالكة وإعادة بنائها من جديد لتظهر بالشكل الذي نراه اليوم وخلال إعادة البناء تلك تم العثور على تمثال رخامي أبيض عليه خط مسندي ولكن لم تجر حفريات لاحقة للتحقق من التاريخ الدقيق الفعلي لبناء الحصن.[] وحاليا يوجد فيه مقر السلطة المحلية بمديرية تريم، وأيضا مكتب وزارة الثقافة، ومكتبة الأحقاف للمطبوعات.
يقع هذا القصر في وسط المدينة بين حارة الأزره إلى الشرق والسوق وحي الخليف إلى الغرب، في ساحة المدينة الرئيسية عند مدخل السوق وقرب المسجد الجامع.
يعد قصر”الرناد” تحفة حضرمية تصارع بحثا عن الحياة والعالمية
تنازعت القوى السياسية السيطرة على الحصن منذ قرون
مضت عدة سنوات على اختيار مدينة “تريم” في وادي حضرموت بجنوب اليمن، عاصمة للثقافة الإسلامية، مما لفت الأنظار محلياً ودولياً، لا سيما بتميز معالمها المتعددة المبنية من الطين.
عند زيارة مدينة تريم حضرموت، تجذب المرء عشرات الآثار السياحية والقصور المبنية على الطراز المعماري الحضرمي، غير أن لقصر وحصن “الرناد” استثنائية خاصة، باعتباره الشاهد على تاريخ المدينة منذ ولادتها حتى يومنا هذا، ناهيك عن ارتباطه بالحكام الذين حكموا المدينة وحضرموت عامة.
وظائف القصر :
يعتبر الرناد من أعظم الحصون القديمة في حضرموت، ويقع في قلب مدينة تريم، وبني في زمن ما قبل الإسلام، ويبدو للناظر من موقعه وهيئته أنه أدى وظائف متعددة، فقد أقيم كحصن دفاعي وقصر للحكم، واتخذه ملوك الجاهلية مقراً لهم، والولاة في عصر الإسلام مثل الصحابي الجليل زياد بن لبيد البياضي الأنصاري عامل الرسول والخليفة من بعده على حضرموت، وكذا الدويلات المتعاقبة التي حكمت تريم.
المصنعة
يقول مدير مركز الرناد للتراث والآثار والعمارة أحمد كرامة باحماله، “من أسماء القصر القديمة (المصنعة)، كما وردت أخباره في كتب التاريخ، وهناك عدد من القرى الصغيرة والكبيرة والحصون والجبال في اليمن، تعرف أسماؤها حتى اليوم باسم مصنعة أو مصينعة أو المصانع، ومنها مصنعة أفيق ومصنعة مارية بالقرب من ذمار، ومصنعة باصرة بدوعن حضرموت ومصنعة عنس وغيرها”.
من يشاهد الأماكن التي تسمى في اليمن “مصنعة”، يجد أنها تتميز بالارتفاع والتحصين، مما يؤكد أن التسمية تعكس الطبيعة التضاريسية للأماكن المذكورة، وقد وصف الهمداني في مؤلفه الموسوعي (الإكليل) المصنعة بأنها الحصن المسور أو القلعة المحصنة، وتعني في لغة النقوش اليمنية القديمة حصن، والمصنعة تعني الحصن والمدينة المحصنة.
نمط معماري جديد.
في ثلاثينيات القرن العشرين تعرض الرناد للتشييد مرة أخرى وبنمط معماري جديد، ويذكر المؤرخ الشاطري بأن حصن الرناد بني على أنقاضه قصر سلطاني فيه إدارة نائب لواء تريم، وفي عام 1931م أمر حاكم تريم محمد بن محسن الكثيري بهدم جزء من القصر وإعادة بنائه من جديد، وبالصورة التي نعرفها اليوم، وتعرف هذه بعمارة الخضيب نسبة إلى المهندس علوي بن أبو بكر الكاف الملقب بالخضيب، وقد كتب على البوابة تاريخ الانتهاء من صنعها في 1354هـ.
📝 إلى هنا نأتي إلى ختام هذه الحلقة على أمل أن نلقاكم في حلقات قادمة بمشيئة الله تعالى.






